الاثنين، 6 مايو 2013

دعوة للاستفادة من موقعى الالكترونى الجديد talatelsrogi.com

ثقافة التطوع " pq,v Hl ydhf"


ثقافة التطوع

"حضور أم تغييب "

       التطوع يعتبر موردا من موارد المجتمع ، وإرادة ذاتية تلقائية ومتغيرا لتنمية رأس المال الاجتماعى كما أن رأس المال الاجتماعى عائدا من عوائد التطوع ، ويرتبط التطوع بحضور وتنمية ثقافة محدده تعزز حضورالتطوع أو تهميشه وغيابه تماما ، وهذه التثقافة  تحددها متغيرات عديدة فاعلة ذات أبعاد ثلاث يمكن تناولها وأبعادها بصورة واقعية تحليلية عميقة فيما يلى :

الشخصية وثقافة التطوع:

         البعد الأول الشخصية الانسانية ومتغيرات بنائها وتشكيلها بأبعادها المتعددة وجوانبها المتشبعة وخاصة البعد الدينى والقيمى باعتاره محركا أساسيا للمبادرة والمبادأه ومن ثم التطوع ، يعكس كل ذلك أن تفعيل التطوع بحاجة لثقافة تعززه أكثر من حاجته لقوانين وتشريعات التى قد يحتاجها لتنظيم التطوع فقط . والأدل على ذلك غياب فعالية مشروع الخدمة العامه للخريجين فى مصر حيث أرتبط بالتشريعات أكثر من ارتباطه بثقافة التطوع للمتطوعين .

الثقافة الدينية وثقافة التطوع :

        يلعب الدين دورا أساسيا فى بناء الشخصية الانسانية بجوانبها وأبعادها المختلفة حيث يحض على بناء نسق قيمى إيجابى يرتبط بصورة مباشرة بحب الآخرين والتعاون والتفاعل الايجابى وفعل الخير وتفضيل الصالح العام والتعاطف والتكافل ، ومن ثم يعد المحرك الأساسى والدافع الأقوى لتطوع الفرد حيث ينتظر عائد التطوع بما هو أرقى وأسمى فى الآخره وتشكل الثقافة الدينية ثقافة معززه لثقافة التطوع الارادى الذاتى التلقائى عن رضا وقناعه بأهمية التطوع بل بضروريته كواجب إنسانى لدعم التكافل والتعاون وحب الآخر، طنعا فى ثواب وعائد الآخره وهو الأرقى.

          ولعل منظمات المجتمع المدنى الدينية كالجمعيات الخيرية من أنشط أنواع الجمعيات فى مجتمعاتنا حيث يظهر دور الدين والثقافة الدينية كدافع ذاتى للتطوع ، ويظهر ذلك ايضا بصورة واضحه إذا ما وضعت صندوقين لمع المال متجاورين أحدهما لبناء مسجد والآخر لبناء مدرسة وإذا ما فتحت الصندوقين فى أن واحد حتما ستجد المال بالصندوق الخاص ببناء مسجد أكثر بكثير من الصندوق الآخر إنه الوازع الدينى الذى لعبت فيه دورا أساسيا الثقافة الدينية ، ومن ثم فمن المتوقع أن الشخصية ذات الثقافة الدينية أكثر دافعا للتطوع .

     ونفس النتيجه إذا ما أردت الدعوة للتطوع لمشروع خيرى دينى كبناء مسجد ونحو ذلك ختما ستجد عدد المتطوعين أكثر فى مثل هذه المشروعات عن أى مشروعات أخرى حتى لو مثلت حاجه ملحه فى المجتمع إنه الدافع والوازع الدينى والضبط الداخلى الذى لعبت فيه الثقافة الدينية دورا هاما فى بنائه وتشكيلة.

الشخصية الوطنية والتطوع :

       تعد الشخصية الوطنية اكثر انتماء للمجتمع بابعاد الانتماء ومتغيراته المختلفة والوطنية هنا لاتعنى بأى حال من الأحوال نماذج قيادية تم إختيارها ليس لوطنيتهم وحبهم للمجتمع وتضحيتهم من أجله أو تفضيلهم للمصلحه المجتمعية العامه عن المصلحه الذاتية ولكن الوطنية عكس ذلك تماما ، وفد فقدت مجتمعاتنا لسنوات طويلة مثل هذه الشخصيات الوطنية ومن ثم فقد المواطنون الثقة فى القيادات المجتمعية وانسجب  ذلك بشكل أو بآخر على المؤسسات المجتمعية مما أدى لفقد راس المال الاجتماعى فى المجتمع ، وغياب الشخصية الوطنية القدوة والنموذج للآخرين ، وكأن المجتمع - دون أن يدرى -  أى إلى تهميش وغياب ثقافة التطوع لدى الناس ، وعزز كل كل ذلك تعمد المجتمع لتهميش وغياب الثقافة  المدنية وثقافة المجتمع المدنى التى أثرت بدورها لغياب ثقافة التطوع فى المجتمع .

 الازمات كدافع للتطوع :

       تعتبر الآزمات والطوارئ من المواقف الدافعة للتطوع والمبادأة والمبادرة ، وليس ذلك فقط للتطوع على المستوى المحلى أو القومى بل والدولى أيضا ، ولعل الدافع هذا يكمن بصورة مباشرة بالدوافع الانسانية والدينية والقيمية ، ويوجد الكثير من الشواهد والدلائل التى تؤكد ذلك بصورة واضحه ولعل التجربة التلقائية الذاتية ليس للشباب فقط بل كل فئات المجتمع فى مصر أثناء وعقب ثورة 25 يناير 2011 مباشرة للقيام بدور الأمن الذاتى فى المجتمع من خلال اللجان الشعبية من أروع التجارب التى كان يمكن للخدمة الاجتماعية التدخل الواعى لتنظيمها واستمراريتها فى المجتمع ، إن الآزمات المجتمعية مواقف دافعة للتطوع من منطق ثقافات وقيم إجتماعية وإنسانية ، وكأن ثقافة التطوع تظل غائبة ومهمشه لايحركها او يحفذها سوى المواقف والازمات !!!

رأس المال الاجتماعى وثقافة التطوع :

        بينما يتمحور البعد الثانى فى وقائع المجتمع بظروفه وأوضاعه المختلفة وبنائه الاجتماعى بأنساقه العديدة الدينية والأسرية والثقافية القيمية والسياسية والاقتصادية والتعليمية ، والواقع الآكثر أهمية فى هذا البعد درجة الثقة المتبادلة بين أفراد المجتمع ومنظماته الحكومية والأهلية وبصفة خاصة منظمات المجتمع المدنى ، فضعف هذه المنظمات يعنى تهميش وغياب بل وقتل التطوع ، وبذلك يمكن القول بوجود علاقة طردية خطية حاسمة بين ثقافة المجتمع المدنى وثقافة التطوع فكلما ذادت إحدى الثقافتين زادت الأخرى وتهميش وغياب إحداهما يعكس قتل الأخرى فى الوقت ذاته .

       وتعد الثقة من أهم متغيرات رأس المال الاجتماعى فى المجتمع ومن ثم فان تنمية رأس المال الاجتماعى يعنى تنمية ثقافة التطوع وانهيار رأس المال الاجتماعى يعنى تهميش وغياب ثقافة التطوع ، إنها علاقة طردية ومتبادلة فى الوقت ذاته حيث أن كل منهما منتج ومخرجات للآخر، ولكن فى إطار فكر أيديولوجى معين يحدد من أين نبدأ ؟ وأيهما أسبق ؟ وأيهما سبب فى وجود الآخر.

هل العولمه تقتل ثقافة التطوع؟ :

    أما البعد الثالث وهو الأهم فهو الواقع العالمى الجديد الذى يعززه العولمه بروافدها المختلفة التى تدعم ثقافة الفردية وهى ثقافة مضاده لثقافة التطوع حيث تسود المصلحة الذاتية والعائد الفردى على المصلحه المجتمعية العامه أو العائد الجمعى المجتمعى وهى ثقافة تؤدى للتفتت والتشتت ، وتؤثر سلبا على الذات والأنا وعلى العكس تماما من الجمعية والتعاون التى تدعم ثقافة التطوع من ناحية وتنمية رأس المال الاجتماعى فى المجتمع من ناحية أخرى، وبذلك يمكن القول بثقة أن العولمه تقتل ثقافة التطوع فى أى المجتمع خاصة المجتمعات التى تستقبل العولمة بروافدها المختلفة وثقافاتها الوافدة، إنها حقا بحاجة لعولمة مضاده تعزز ثقافة التطوع من ناحية وتغعيل قدرات المجتمع الذاتية وتمكينه من الاعتماد على الذات لانطلاق التنمية  من ناحية أخرى .

التطوع إراده ذاتية :

     إن تنمية الارادة الذاتية والاعتماد على الذات وتنمية الدافعية والقدرة على المبادأة والمبادرة وتنمية الثقافة الدينية والوازع الدينى من خلال مؤسسات فاعلة للتنشئة الاجتماعية يدعم ثقافة التطوع ومستقبله فى المجتمع ، حيث يبادر الفرد بالتطوع بارادته الحره الواعية دون تحريك أو تحفيز من الغير ، كما تتوقف الارادة الذاتية على الارادة المجتمعية فوقائع المجتمع بمتغراته المحتلفة قد تساعد على حضور وتنمية ثقافة التظاهر أو تهميشها وغيابها .

    إن مجتمعاتنا بحاجة ماسة للتنمية الثقافية والوازع الداخلى والارادة الذاتية لدى أفراده لكى يستطيع البقاء والمنافسة الواعية فى عالم متصارع ثقافيا وقيميا وحضاريا وعولمه غاشمة ، فهل تستطيع ثقافتنا بناء وتكوين عولمة مضادة وحضارة اكثر إنسانية تغزو العالم الانسانى الأكثر تعطشا للانسانية ؟

بدلا من التحضر الأجوف الخالى من الانسانية ويؤدى للتفتت والتشتت.

       آمل فى ذلك إن شاء الله تعالى فالكرة الأرضية تدور كالرحى ويحتاج سرعتها بالفعل لثقافة وارادة قوية واعية .

أ.د. طلعت السروجى